سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 4 مايو 1963..ملايين الجزائريين فى استقبال عبدالناصر.. والرئيس الجزائرى بن بيلا فى خطابه: «لم نجد شرقا ولا غربا إلى جانبنا إلا رجل واحد هو جمال عبدالناصر»

سعيد الشحات يكتب ذات يوم 4 مايو 1963 عن ملايين الجزائريين

كانت الساعة الثانية عشرة ظهرا، حين أطل جمال عبدالناصر من شرفة اليخت الذي أقله من مصر إلى الجزائر يوم 4 مايو «مثل هذا اليوم» عام 1963، ووسط تكبيرات الجماهير وهديرها، تقدم الرئيس الجزائري أحمد بن بيلا ووزير الدفاع هوارى بومدين إلى سلم اليخت لاستقبال ضيفهما الكبير، الذي ساند الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، حتى الاستقلال يوم 5 يوليو 1962 بعد استعمار دام 130 عاما، وفقا لفتحى الديب، مسؤول الدائرة العربية في رئاسة الجمهورية، الذي سافر من مصر إلى الجزائر يوم 2 مايو لمتابعة الزيارة.

ويضيف فتحى الديب في كتابه «عبدالناصر وثورة الجزائر»: »فاقت الحشود الجزائرية في استقبال جمال عبدالناصر كل تصور«، ويكشف، أنه فوجئ باكتظاظ العاصمة بالحشود التي وصلتها من كافة أنحاء الجزائر، واضطر الذين لم يجدوا مأوى منهم أن يفترشوا أرصفة الشوارع ووسائل النقل التي حضروا بها.

كان الديب مكلفا من عبدالناصر بملف الثورة الجزائرية، منذ أن التقى قائدها أحمد بن بيلا، الذي هرب من سجون الاحتلال الفرنسي إلى القاهرة، ثم مساندة مصر من بداية كفاح الثورة المسلح في أول نوفمبر 1954، ويقول الديب عن زيارة عبدالناصر: «أبلغنى المسؤولون الجزائريين مواجهتهم لموقف عصيب لتوفير الغذاء والإعاشة لما يزيد على مليون وافد جزائري على العاصمة بالإضافة إلى سكانها الأساسيين، وأن الجماهير زحفت منذ الصباح الباكر ليوم 4 مايو، لتحتل الشوارع التي سيمر بها موكب عبدالناصر من الميناء إلى قصر الشعب المعد للضيافة«.

شق موكب عبدالناصر وبن بيلا طريقهما في سيارة مكشوفة، وعجز الأمن عن السيطرة على اندفاع الجماهير، فتفتق ذهن بن بيلا إلى فكرة إحضار سيارة إطفاء كبيرة ليعتليها الرئيسان بعد أن أصرت الجماهير على محاولة رفع السيارة الأولى المكشوفة ليحملوها، وتحرك الموكب من جديد ليصل إلى قصر الضيافة في خمس ساعات في حين أن مسافته الطبيعية هي نصف ساعة فقط.

أثر هذا المشهد في وجدان الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، مؤكدا أنه لا يستطيع أن ينساه، وفي مقاله «بصراحة» بعنوان «عائد من الجزائر»، «الأهرام 10 مايو 1963»، يقول: «عشت وسط زحام ليس بمقدوري وصفه، مئات ألوف وسط شارع واحد في الجزائر تجمعوا ليستقبلوا عبدالناصر ويمدوا له أيديهم سلاما، وينادون باسمه محبة، بحر من البشر، أمواج تتدافع على أمواج، وهدير عاصفة كأن قوى الطبيعة الغلابة كلها تجمعت فيها«.

ويذكر هيكل: «وسط العاصفة الرائعة برزت من الخضم الهائل شابة ترتدي السواد، ومعها طفل صغير راحت تخلصه من الزحام، وتحاول أن تجتاز به النطاق الأخير من حول عبدالناصر وبن بيلا وبومدين، وقبل أن يشعر أحد كانت الشابة قد اقتحمت طريقها إلى النطاق الضيق الذي وقف الثلاثة فيه، وتقدمت إليهم، ورفعت رأسها بكبرياء حزين وقالت لعبدالناصر: قبل هذا الطفل يا سيدي، لقد مات أبوه من أجلك، قتلوه تحت رايتك، طارده المستعمرون وهو يحمل علما للجمهورية العربية، وظلوا وراءه حتى أفرغوا فيه رصاصهمد، واستطردت الشابة لابسة السواد: «كان أخي يا سيدي، وهذا ابنه، وأنا أريدك أن تقبله، وأعلم أن ذلك سوف يرضى الشهيد«، وخانها الكبرياء وارتجف صوتها بالدموع وسط العاصفة الرائعة من حولها وهي تكرر: قبله يا سيدي، مات أبوه من أجلك، وقتلوه تحت رايتك«.

وقام عبدالناصر برفع ابن الشهيد يقبله، وحسب هيكل: «كان الشابة لابسة السواد الحزين مازالت تبكي، ولأول مرة في حياتي رأيت في عيني عبدالناصر الدموع«. في مساء نفس اليوم وأمام مئات الآلاف، خطب عبدالناصر وبن بيلا، قال بن بيلا: «الجزائر كانت تناضل وتنتظر شيئين: «يوم الاستقلال، ويوم يزورها عبدالناصر، إن الجزائر لم تشهد يوما كيوم وصول عبدالناصر حتى ولا يوم الاستقلال، أريد أن يسمعها الجميع لا أستثنى منهم أحدا، في وقت الأزمة وقبل أن تكون هناك ثورة، لم نجد شرقا ولا غربا إلا رجل واحدا هو جمال عبدالناصر، يوم كان في الجزائر جزائريون لا يرون احتمالا للنصر، ويوم كانت الأحزاب كعادتها تتصارع من أجل الكسب السياسي، وجدت في القاهرة رجلا لم يتردد لحظة في أن يضع كل الإمكانات المادية والمعنوية لمصر تحت تصرف الثورة الجزائرية ومن أجل نصرها«.

وألقى عبدالناصر خطابه الذي قال فيه: «كنت أتمنى أن أرى الجزائر عربية، كنت أتمنى منذ قامت الثورة سنة 52 أن أرى الإنجليز وقد خرجوا من مصر، وأن أرى الجزائر وقد استقلت وأصبحت عربية، وأن أرى الأمة العربية وقد توحدت وأصبحت أمة كبرى وأصبحت دولة عظمى تعيد الأمجاد القديمة، الأمجاد المبنية على الحرية، وعلى العدالة، وعلى المساواة، وعلى العمل من أجل الإنسان ومن أجل حرية الإنسان«.

استنتاجات:
1. زيارة جمال عبدالناصر للجزائر في عام 1963 كانت لها أثر كبير على الجماهير وأعضاء الثورة الجزائرية.
2. الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر كان صعبًا، حيث كان هناك مليون وافد جزائري بحاجة للغذاء والإعاشة.
3. الدعم والتضامن العربي كان له أثر مهم في نضال الجزائر من أجل الاستقلال.

أسئلة تفاعلية:
1. كيف يمكن للحكومات التعاون لمساعدة البلدان التي تواجه صعوبات اقتصادية واجتماعية مثل الجزائر؟
2. هل تعتقد أن هن

شكراً على تقديم هذا الموقع. سأبذل قصارى جهدي لتقديم المساعدة فيما يتعلق بـ “www.youm7.com”. يرجى تقديم تعليمات محددة حول الخدمة التي تحتاج المساعدة فيها.

المصدر: اليوم السابع
مرجع ثانوي: آخر الأخبار