الزعفران.. ذهب عطرى من التراث يزين رؤوس الهجن الفائزة بسباقات الإمارات.. صور
في كل موسم من مواسم سباقات الهجن، وبين صيحات ملاك وعشاق الإبل وهي تتنافس في ميادين الركض، وهتافاتهم بكلمة “الناموس” أي الفوز المشرف بالمركز الأول، يظل مشهد “الزعفران” أحد أبرز وأجمل طقوس التتويج التي تتوج بها الهجن الفائزة. الزعفران ذلك السائل العطري الفاخر، ذو اللون الذهبي والرائحة الزكية يدهن به رأس المطية الفائزة فور وصولها لخط النهاية وهوليس مجرد تكريم، بل قصة جذور من التراث والأصالة، وشهادة عرفان للإبل، ووسام شرف لصاحب من تحقق له مطية المشاركة في السباق الفوز. وفي فعاليات ختامي سباق الوثبة لسباقات الهجن في أبوظبي، أحد أضخم مهرجانات الهجن في الإمارات، روى رجل ارتبط اسمه بـ”الزعفران” لعقود، سمير أبو حمدان، مسؤول الزعفران في ميادين السباق بدولة الإمارات لـ”اليوم السابع” حكاية الزعفران في ميادين سباقات الهجن. أوضح أنه يعود دوره في هذه المهمة إلى عام 1984، عندما عهد إليه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – بمسؤولية الإشراف على هذه المادة النفيسة، ومعه دعم مباشر من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي وولي عهده الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم. يقول سمير، مستذكرًا البدايات: “الزعفران أمر به الشيخ زايد، وأكد على استخدامه في تكريم الفائزين الأوائل في السباقات، لأنه رمز للفخر والنبل والبركة، والشيخ محمد بن راشد والشيخ حمدان بن محمد، ليبقى الزعفران حاضرًا في جميع ميادين الدولة”. ويكشف سمير تفاصيل لا يعرفها كثيرون عن هذه المادة الذهبية التي قد يراها البعض مجرد زينة، لكنها في الحقيقة جزء لا يتجزأ من ثقافة الهجن ومجدها، ويضيف: “الزعفران الذي يُستخدم في السباقات ليس مجرد عطر أو طيب، بل هو خلطة سرية مكونة من أربعين نوعًا من الأعشاب الطبيعية والعطور النادرة، تُحضّر بعناية فائقة وتُخزّن لفترة ستة أشهر حتى تكتمل نضوجها وتصل إلى قوامها المثالي.”
ويُنتج من هذه الخلطة ما يقارب 4 آلاف كيلوغرام لكل دفعة، تُوزّع بعناية على مختلف ميادين سباقات الهجن داخل دولة الإمارات، وتمتد إلى دول الخليج والدول العربية التي تنظم سباقات الهجن، ما يجعل من الإمارات المركز الرئيسي لخلطة الزعفران في هذا المجال. ويتابع أبو حمدان: “عندما تصل المطية إلى خط النهاية، وقد قطعت 6 أو 8 كيلومترات من الجري المتواصل، تكون في حالة من الإجهاد، ويكون مالكها – كما نقول باللهجة الإماراتية – ‘مستانس’، أي في قمة الفرح بالفوز. هنا يبدأ طقس الزعفران، حيث تُدهن المطية بهذه المادة على الرأس والرقبة، في مشهد رمزي يمثّل البركة والتقدير للمطية وصاحبها.”
ولا يقتصر دور الزعفران على الجانب الرمزي، بل له فوائد طبية وعلاجية أيضًا، فهو يساعد على فك عضلات المطية بعد الجهد الشاق، ويمنحها النشاط والراحة والحيوية، بل أن البعض يقول إنها “ترقص” بعد دهنها، وكأنها لم تخض سباقا قبل دقائق. ويشير أبو حمدان إلى أن استخدام الزعفران في ميادين السباق ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لتراث إماراتي أصيل، إذ كانت سيدات البيوت في الماضي يقمن بتحضير خلطاته بأيديهن، ويحتفين بالمطايا الفائزة في السباقات الشعبية، عبر رش الزعفران على رؤوسها، في تعبير عن الفخر والاعتزاز. ويضيف بحنين: “كانت النساء الأجمل في القرية يخرجن لرش الزعفران على رأس البعير الفائز، ليعرف الجميع أن هذه الناقة قد نالت الفوز المشرف، وكانت تسير شامخة، يعرفها الناس من رائحتها الزكية قبل لونها.”
ومع تطور السباقات وتحولها إلى مهرجانات كبرى، ظل الزعفران حاضرًا، بل تطورت طرق تحضيره وتوزيعه، وأصبح جزءًا من هوية السباق الإماراتي، حتى أن أصحاب المطايا يفتخرون بأن نياقهم قد دُهنت بهذا الدهان الفاخر، ويعدونه وسامًا لا يقل شأنًا عن الكؤوس والسيوف والشارات. ويختتم أبو حمدان حديثه بكلمات تعبّر عن ارتباطه العميق بهذه المادة التراثية: “الزعفران ليس مجرد طيب، هو طقس، وهوية، وشهادة فوز، وذاكرة شعب. كل قطرة منه تحمل رائحة الأرض والفرح والتاريخ”. في ميادين الهجن الإماراتية، يتعانق المجد مع العطر، وتتجلى الأصالة في كل حركة، ويظل الزعفران علامة مضيئة في سجل الموروث الثقافي، ورسالة فخر لكل من يعشق تراث الصحراء وهجنها الأصيلة. الدهان للزعفران صغير جانب من دهان الهجن خلال التجهيز بالزعفران خلال الدهان للهجن خلال دهان الزعفران دهان أحد الهجن بعد فوزها سمير أبو حمدان
استنتاجات من النص:
1. تقدير الزعفران في ميادين الهجن له أصول تعود إلى تراث إماراتي عريق.
2. الزعفران ليس مجرد عطر، بل له أيضًا فوائد طبية وعلاجية.
3. استخدام الزعفران يعكس الفخر والاعتزاز بالثقافة الهجنية والتقاليد الإماراتية.
4. توزيع الزعفران على الفائزين في سباقات الهجن يعتبر تقديراً لأدائهم وتحقيقهم النجاح.
أسئلة تفاعلية:
1. هل تعتقد أن استخدام الزعفران في ميادين الهجن سيمكن من تعزيز هذه الرياضة التقليدية بشكل أفضل؟
يقدم شرحا تفصيليا عن دور الزعفران في تكريم الهجن الفائزة في سباقات الهجن وكيف يعكس هذا الطقس القديم جذور التراث والأصالة. ويؤكد أن استخدام الزعفران له فوائد طبية وعلاجية أيضا، حيث يساعد على فك العضلات ويمنح النشاط والراحة للمطية بعد الجهد الشاق. ويشير إلى أن الزعفران ليس مجرد عطر أو ز